" كلما أضاء لهم مشوا فيه "

( ناشدتك بالله , هل سماني لك رسول الله منهم ( أي من المنافقين ) ؟؟ قالَ : لا ولا أُزكّي بعدك أحداً ....)
السؤال كان موجها لصحابى من صحابة رسول الله صلِ الله عليه وسلم حذيفةَ بن اليمان رضي الله عنه ، وكان النبىّ قد اِئتمَنه قبل موته على أسماء سبعة عشر منافقا، أمره إذا توفَّاه الله ألا يُصلي عليهم !!
ولكن ..من السائل يا تُرى؟؟ .. أتدرى حقا من كان السائل ؟!! .. لا تظنه منافقا كان متخفيا وسط صحابة رسول الله يخشى من افتضاح أمره !! بل السائل هو خير صحابة رسول الله صلِ الله عليه وسلم وأكرمهم بعد أبى بكر؛ الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر ؟؟!!!! ....

بل أزيدك وأضع أمامك أعجوبة أخرى ،فى ما نُقل عن ابن علية أنه قال وكان من التابعين رحمه الله : " أدركت سبعين من أصحاب الرسول صلِ الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه".
من المؤكد أن ذلك كان بالطبع على سبيل المبالغة في الورَع والتقوى منهم ، والحرص الزائد ألا يكون جانبهم شيئا من التقصير والاخلاص رضي الله عنهم ".
فما هذا المرض الخطير الذي كان يخشاه كبار الصحابة وأمِنَه اليوم الكثير منا ؟!!!
 
نقل عن الحسنَ البصري رضي الله عنه قوله : ما أمِنَ النِفاقَ إلا مُنافق , وما خافَ النفاقَ إلا مؤمن ...  
فالنفاق داءٌ عُضالٌ باطن ، قد يكون مستشريّاً في نفس المؤمن وهو لا يدري؟! فمن كان مطمئنا من هذا المرض ربما كان منافقا ، فإن أمره خفيّ على الناس، وكثيرا ما يزعم من تلبسَّ به أنه مصلح ، وهو في الحقيقة مفسد !!...
ففى حديث ضعيف نسب لرسول الله صلِ الله عليه وسلم إلا انه صحيح فى معناه ؛
عدّ فى حديثه أنواع القلوب بأربعة ؛ قلب المؤمن كامل الايمان ، وقلب الكافر ،وقلب المنافق ،ثم جاء عند القلب الرابع وهو ما يعنينا من هذا الحديث حيث وصفه بقوله :-
( .. وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ،فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم ، فأي المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه ) ...وهذا ما نراه فى حال كثير من مسلمى هذا الزمان والله أعلم ، حيث يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ...
قلوب تتصارع فيها النفاق والايمان أيهما غلب كان حالهم ، ويختم لهم فى الدنيا بما أستقر عليه الأمر منهم نسأل الله السلامة !!  
ووصف الله عزّ وجلّ حال هذا القلب (الذى تجتمع فيه مادتى النفاق والايمان) بقوله
(.. يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا )
 
فهؤلاء من اضطربت قلوبهم وتردد حالهم مابين الشك والايمان ، والطاعة والعناد ، والظلام والنور، فشأنهم مع القرأن وكتاب الله شأن عجيب ؟ شأن من انقطع به الطريق فى ليلة ملبّدة بالغيوم مصحوبة بالبرق والصواعق ... ( كلما أضاء لهم مشوا فيه )
فإن جاءهم الكتاب بما يوافق رغباتهم وهواهم عملوا به ،
(وإذا أظلم عليهم قاموا )
وإن كان غير ذلك من جهد و تكاليف و مشقة وقفوا وتأخروا !!!
وقد أشار المولى عزّ وجلّ فى موضع آخر إلى ذلك بقوله :-
( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون .. وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ) أى مقرّين لحكمه طائعين ...
 
الكلام عنهم يطول ولا يأمن أحدنا على نفسه من ذلك .. نسأل الله أن يفتح علينا من أبواب علمه ويرزقنا الاخلاص ونفصل فى الموضوع أكثر من ذلك بإذن الله ..
نتمنى أن يكون ذلك قريبا ..