" حـقيـقـــة لا إلاه إلا الله "

(وأن إلى ربك المنتهى ) .. رسم المولى عز وجل طريقا مستقيما للوصول إليه ، وجعل الدنيا مرحلة على الطريق لابد من اجتيازها قبل الوصول اليه ،
 
وأفاض علينا بما لا يحصى من العطايا و النعمّ كى نستمتع بها شاكرين فضله واحسانه ، ونستخدمها فى الوصول إليه ، والتعرّف من خلالها على علوّ قدره وسعة ملكه و عظيم سلطانه ، ولم يتركنا هملا على الطريق هكذا ؟! بل أرسل الينا الرسل مبشرين ومنذرين ، يعلمون الناس اسماء الملك وصفاته ، ويوضحون لهم معالم الطريق واتجاهه ، وكيف يسيروا ويستقيموا عليه ، وينذرونهم من مغبة الشرود والانحراف عن حدوده ..
(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله.. ) ..


فماذا حدث ؟؟؟؟!!!!! ضل كثير من الناس واتبعوا أهوائهم !! وبدلا ان تكون النعمة سبيلا للوصول الى المنعمّ ومحبته وشكره على احسانه ، غالوا فى محبة النعمّ وانشغلوا بها عن المنعمّ ، فانحرفت بهم عن جادة الطريق فما عادوا ..
( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) .. فالكدح والمشقة من صفات الطريق الى الله فى هذه الحياة الدنيا ، نعم نحن نعانى ونشقى من أجل لقمة العيش وحياة كريمة ، ونكدح لنظفر ببعض المحبوبات فى هذه الحياة الدنيا لنتمتع بها ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق .. ) ولكن تظل نيَّتك فى الكدح والعمل موصولة بالله عز وجل ، فهو وجهتك وقصدك وان كان عملا بسيطا من اعمال الحياة اليومية، ويظلّ الله دائما هو غاية كدحك ومنتهى محبتك ورجائك ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين )..
و بذالك يتحول عملك الحياتى اليومى الى عبادة !! وهذا هو التحقيق الفعلى لشهادة لا إلاه إلا الله ....

ولكن حين تجنح بمحبتك قاصدا بكدحك وعملك غير وجه الله ، فقد أشركت بالله واتخذت لله ندا ؟! فليس حقيقة الشرك فى حجر يُتخذ كصنم يدور الناس من حوله ؟؟ بل هو أى شئ غاليت فى حبه حتى صار هو محور حياتك ، ووجهتك من دون الله وقصدك ، وغاية كدحك ومنتهى رجائك !! ....
( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة ... ) حديث شريف
صور لا يرضى عنها الله عز وجل ، بل علّمنا على لسان رسوله الكريم صلِ الله عليه وسلم انها تعد نوعا من انواع الشرك بعد نعت أصحابها بالعبودية للنعمة ، ودعا على كل من تعلق بتلك الصور بالثبور والهلاك ...
 
فلنأخذ المــال كمثال ؛ فهناك من يحصل المال لإجل المال !! لا لإنفاقه والتمتع به فى ما أحَلّ الله له ، أو انفاقه فى ما أمر الله به كمساعدة الفقراء والمحتاجين ، ولكن تحول المال لديه إلى رمز ؟! رمز يدور معه حيث دار ،بعد أن صار معبوده الدرهم والدينار ، لا يكدح إلا له ،ولا يشقى إلا من أجله ، ولايذلّ نفسه إلا فى سبيله، يعادى ويوالى فيه !!!! عفانا الله وإياكم من الشرك وأهله ونسأل الله دوام الهداية والثبات على الصراط المستقيم ...