"وأن إلى ربك المنتهى"

أرضنا العزيزة .. أرض الغربة والشقاء ..
حالنا بعد ان طُرِدنا من الجنة إليها ؟!.. تدبر أخى .. كحال قوم غرقت سفينتهم ، فحملتهم الأمواج إلى جزيرة صغيرة ، حيث وجدوا فيها المتاع و المستقر إلى حين ، و بعد ان اطمئنوا وسكنوا فيها ، تفرقوا و انقسموا إلى ثلاث : -
 

# فمنهم من اغترّ بزخرفها واطمئن لها ، فترفل فى نعيمها واستوطنها ، ولم يعد يشتاق لموطنه القديم أو يستشعر بالغربة فيها البتة ؟!!..
# وآخريين أعجزتهم الظروف ليتنعموا فيها كغيرهم ، و انشغلوا بتحصيل قوت يومهم ، وصرفهم الشقاء و الحرمان عن التفكير فى أوطانهم فضلا عن السعى للعودة اليه ؟!! ..

# والقسم الآخير هم من فطنوا لحقيقتها وحقيقة وجودهم فيها ، وعلِموا أنها لم تدوم لأحدٍ قبلهم ولن تدوم لمن بعدهم ، فاستوحشوها واشتاقوا لاوطانهم و عزموا على العودة اليه
مستغليين موارد الجزيرة فى بناء سفنهم ،فى عمل دؤوب يملئه الحب والاخلاص...
أولئك هم المفلحون حقا ..

فعن أى سفينة نتكلم ؟ وفى أى بحر تُبحر ؟ وأى زادٍ سيحمله المسافر ؟! ...
ففى الأثر ..
"يا أبا ذر جدد السفينة فإن البحر عميق ، وخفف الحمل فإن السفر بعيد ، وأحمل الزاد فإن العقبة طويلة ، وأخلص العمل فإن الناقد بصير "

إنه السفر إلى الآخرة ! فما أطوله ! سفر فيه ظلمات كثيرة ! ظلمات تتبعها ظلمات ! ظلمة عند الموت ! وظلمة في القبر ! وظلمة يوم الحشر ! وظلمة على الصراط  !
( ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور ) ..

سفرٌ طويل أُعدت له سفينة محكمة ، 
متقنة الصنع ،  بُنيت بإخلاص ، عليها الكثير من الزاد و الاعمال الصالحة ،  وطرح عن كاهلها الذنوب الثقيلة والأثام !  لتخترق بسلاسة أمواج الفتن المتلاطمة ، وتصل لربها في أمن وأمان...
 
(يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحا فملاقيه )..